صفات القائد في الإسلام

صفات القائد في الإسلام

المقدمة

صفات القائد في الإسلام
صفات القائد في الإسلام

هل خطر من قبل ببال أحد منكم ما هي صفات القائد في الإسلام وما هي الأسس التي يتم اختيار القائد المثالي عليها وما هي الصفات التي لو توفرت في شخص ما سيكون قائد عظيم حيث تحتاج المجتمعات دوما إلى شخصيات قيادية تستطيع التأثير الفعال في مسيرتها نحو الأصلح  وكما تستطيع أن تجعل من نفسها نماذج تطبيقية لما ينبغي أن يكون عليه القائد المسلم الناجح المؤثر وكما يحتاج كل عمل ذي أهمية وأثر أن يتولاه قائد ذو كفاءة عالية.

 

مفهوم القيادة

صفات القائد في الإسلام
صفات القائد في الإسلام

تضمنت القيادة في الإسلام الكثير من المفاهيم والمعاني التي وصلت إليها البحوث الحديثة التي تناولت مسألة الإدارة والقيادة بالدراسة والتدقيق، إلا أنّ مفهوم القيادة وصفات القائد الناجح في الإسلام كان له خصوصية واضحة في الشريعة الإسلامية، إذ إنّه ربط مفهوم القيادة بالضوابط الشرعية والأخلاقية التي تضمن للقائد سلامة المنهج الذي يتبعه ويسير عليه، وبما يحقق الأهداف المرجوة.

القيادة في الإسلام

صفات القائد في الإسلام
صفات القائد في الإسلام

حيث تعتبر القيادة حجر الأساس في استنهاض طاقات الناس، والأخذ بيدهم نحو التطور، وتحقيق الأهداف المختلفة التي يسعون إلى تحقيقها ولما كانت القيادة بهذه الحساسية الشديدة، فقد اعتنى الإسلام بها أيَّما اعتناء، فبرز لدى المسلمين العديد من القادة العظماء الذين استطاعوا تحويل مجرى التاريخ الإنساني كلِّه، وعلى رأس هؤلاء القادة إمامنا، وقائدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فكان النبي عليه الصلاة والسلام مثالاً للقائد الناجح الذي استطاع خلال مراحل حياته قيادة الأمة لما فيه صلاحها وسعادتها في الدنيا والآخرة، وسار الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم على هديه عليه الصلاة والسلام في الحكم والسياسة، فكانوا خير قادة يخلفون نبي الله في قيادة الأمة، فشهدت عهودهم تطورات عظيمة في شكل الدولة الإسلامية من حيث التنظيم واتساع الرقعة، وزيادة موارد الدولة الإسلامية المالية حتى أصبحت الدولة الإسلامية قدوةً للأمم حولها.

الرسول صلي الله عليه وسلم كقائد

صفات القائد في الإسلام
صفات القائد في الإسلام

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس؛ فلقد فزع أهلُ المدينة ذات ليلة، فانطلق الناسُ قِبَلَ الصوت، فتلقَّاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم راجعًا وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرسٍ لأبي طلحة عُرْي، في عنقه السيف وهو يقول: ((لم تُراعُوا، لم تُراعوا))، قال: ((وجدْناه بحرًا، أو إنه لبحر))، قال: وكان فرسًا يُبطَّأُ؛ رواه الشيخان، واللفظ لمسلم. ففي هذا دلالة على شجاعة الرسول وحرصه على مصلحة الناس فكان أولهم استباقا إلى المشكلة وكان من يطمئنهم بغض النظر عما يعانيه من مشقة.

فإذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم – بنعمة ربه – أحسن الناس، في كلِّ صفةٍ من صفات الخير، وكل فضيلة من مكارم الأخلاق؛ فذلك لأنَّه – تعالى شأنُه – أدَّبه فأحسن تأديبه، وهذَّبه فأكمل تهذيبه، وآتاه ما لم يُؤتِ أحدًا من خَلْقه، وأثنى عليه بما هو أهله، ما لم يُثنِ على أحدٍ من قبله.

وإذا كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس كلهم؛ وذلك لأنه أوثق الناس كلهم بربِّه، ولا شك أن كرَم العبد وإنفاقه على قدْر حسن ظنه بسيِّده، وحسْبك أنه ما سُئل عن شيء قط، فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، وإلا سكت، أو قال لسائله: (ما عندي شيء، ولكن ابتع عليَّ، فإذا جاءنا شيء قضيناه).

وقد قال له عمر رضي الله عنه ذات مرة: ما كلَّفك الله ما لا تَقدِر عليه، فرُئِيَتِ الكراهية في وجهه صلى الله عليه وسلم، حتى إذا قال له رجل من الأنصار: أَنفِق يا رسول الله، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً، تبسَّم وعُرِف البِشْر في وجهه، وقال:(بهذا أُمِرت).

وإذا كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس كلهم؛ فلأنه أجود الناس كلهم؛ وذلك لأن الجود والشجاعة صفتان مُتلازمتان، لا تكادان تَفترِقان، ومنبعهما هو الثقة بالله تعالى والإيمان به، وما مِن شجاع إلا وقد أُحصيتْ عليه هَفْوة، أو عُدَّت عليه كَبوة، إلا سيد الشجعان صلى الله عليه وسلم، فقد فرَّت الفرسان من حوله غير مرة، وهو مُقْبل لا يَبرَح، وثابت لا يُدبِر ولا يتزحزح.

ومن آيات شجاعته ما رواه أنس رضي الله عنه مما ذكرناةمن قبل في هذا أن أهل المدينة اضطربوا وفزعوا ذات ليلة، وظَنُّوا أن عدوًّا أغار عليهم، فأسرع أناسٌ من شجعانهم نحو الصياح الذي سمِعوا، فما راعهم إلا أن يجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عائدًا بعد أن استبرأ الخبر، واستكشَف الأمر، واطمأنَّ على المدينة وأهلها، ثم طمأنهم وأزال مخافتهم.

ومن العجيب من فروسيَّته وشجاعته صلى الله عليه وسلم أن يركب فرسًا لأبي طلحة المعروف عنه بالبطء والعجز وسوء السير، فيمتطيه عاريًا من السرج، ويَثبُت عليه وهو مُتقلِّد سيفه في عنقه، ثم يصبح الفرس سريعًا ببركته صلى الله عليه وسلم كأنه بَحْر أي شديد  السرعة والقوة.

ولا شك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلَّقوا بخُلقه، ووصلوا من الشجاعة والكرم والفضل مقدار متناسبا، مع مقدار حبِّهم له وإيمانهم به، وذلك ميزان سليم صحيح، تُوزَن به فضائل من بعدهم إلى يوم القيامة.

فهذا أبو طلحة الأنصاري وهو زيد بن سهل الأنصاري الخزرجي، زوج أم سليم والدة أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وراوي هذا الحديث، كان من فضلاء الصحابة وشجعانهم، وذوي الجود والكرم منهم، وكان راميًا مشهورًا، يجثو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميدان الحرب ويقول: نَفْسي لنفسك الفِداء، ووجهي لوجهك الوِقاء. 

ثم يَنثُر كنانتَه بين يديه، وكان يتطاول بصدره؛ ليقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: نَحْري دون نحرك.

فهكذا تكون النتيجة عندما يكون القائد نعم القائد وخير المسلم.

قادة الإسلام والنهضة:

صفات القائد في الإسلام
صفات القائد في الإسلام

لا جَرَم أن لكل نهضة قائدًا مسؤولاً عنها، وعن مدى إخلاصه وإصلاحه فيها، ثم عن مدى توجُّهه وتوجيهه إلى الخير حتى يُنْجِزه في أقرب زمن مُستطاع، من أقرب طريق مشروع، فكم من مشروعات نافعة شوهت صورتها البطء فيها، أو الحقد الدفين على مبتكريها، أو كثرة الخلاف والتعقيد في طرق إنقاذها وعلى قَدْر المهمة الملقاة على عاتق القائد مسؤوليَّته، وعلى حسبها يكون حسابه أمام الله والتاريخ.

وفي مقدمة هذه الصفات التي نُذَكِّر بها قادتَنا هي الجود والشجاعة، فقد بلغ فيهما وفي غيرهما صلوات الله وسلامه عليه رسول الأمة – المثلَ الأعلى، والغاية القصوى، مما لا مجال لأحد – كائنًا مَن يكون – أن يُضاهيه فيها، بل أن يساويه حتى.

صفات القائد في الإسلام 

صفات القائد في الإسلام
صفات القائد في الإسلام

القائد المسلم يختلف عن الآخرين في الصفات بأنّه مطبق لحدود الشرع، وضوابطه، فإنّ له العديد من الصفات المهمة، التي نوضح أبرزها فيما يأتي:-

1- صحة العقيدة التي تضمن سلامة المنهج

من صفات القائد الناجح في الإسلام أن يكون صحيح العقيدة، مؤمناً بربه إيماناً قاطعاً لا يتخلل إليه الشك، مدافعاً عن دينه، مؤمناً بالقيم والمبادئ التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، ولا شك أنّ هذا الإيمان يولد لدى القائد المسلم العزيمة التي تحثه على السعي لتحقيق الغايات والأهداف التي آمن بها، ومن الأمثلة التي تدل على إيمان القائد العظيم بربه ودينه موقف الفاروق عمر رضي الله عنه حينما سار إلى بيت المقدس وخاض الطين بقدميه عند وادي عمواس، وحينما لامه الصحابي أبو عبيدة بن الجراح على ذلك قال: (إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام ، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله) [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].

2- طاعة الله تعالى والسير على هدي نبيه صلى الله عليه وسلم 

تأتي هذه الصفة على رأس الصفات التي يجب على كل قائد مسلم أن يتحلى بها، فهي الصفة التي تُميِّز القائد المسلم عن غيره، فتظهر عليه طابعاً خاصّاً فقد قال تعالى:- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

3- عدم الاستئثار بالرأي

فمن صفات القائد الناجح في الإسلام أنّه لا يستأثر برأيه دون الناس، معتقداً أنّه الصواب وما دونه الباطل، مثلما فعل فرعون مع قومه حينما استخف بعقولهم، بل ترى القائد المسلم يحرص على مشاورة أهل الخبرة والعلم والمعرفة حتى يضمن صواب الرأي الذي يتخذه، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يشاور أصحابه بالرغم من أنه كان لديه علم من الله بخير الأمور وأصوبها إلا أنه كان يستشير ليعلم القادة من بعده المشورة في كل أمر ، كما فعل ذلك الخلفاء الراشدون، وكثير من الخلفاء المسلمين بعدهم.

4- العدالة والمساواة بين الناس

من صفات القائد في الإسلام أنّه يعدل بين رعيته ومن يكون مسؤولاً عنهم، فلا يظلم أحداً أو يحابي إنسان على آخر، بل يحقق العدالة والمساواة بينهم جميعاً فلا يغيب عنا موقف عمر بن الخطاب عندما جاءه رجل مصري شاكيا ابن عمرو بن العاص والي مصر لأنه ضربه فبعث عمر بن الخطاب أمير المؤمنين لعمرو بن العاص ليحضر ابنه ويحضر عنده وعندما حضر عمرو بن العاص وابنه أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب،

استدعى عمر بن الخطاب الرجل المصري وناوله عصاه وقال له اضرب الذي ضربك فضرب الرجل المصري ابن عمرو بن العاص أمامه وبعدما نفذ قال استوفيت فقال عمر بن الخطاب فأنزل العصا فوق عمرو بن العاص ﻷن ابنه لم يضربك إلا بسبب سلطان أبيه فقال الرجل المصري ضربت من ضربني ولا أريد غير ذلك فقال له عمر بن الخطاب والله لو ضربته ما كنا حلنا بينك وبينه حتى تكون أنت من تتركه ثم نظر إلى عمرو بن العاص،

وقال له قولته الشهيرة:{يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا} وكان عمرو ابن العاص أحب الرجال إلي عمر بن الخطاب ولكنه لم يفرق بينه وبين أخذ حقوق الناس فضرب عمر بن الخطاب مثالا عظيما في العدل وله من المواقف ما لا يساع الكلام الحديث عنه فقد لقب الفاروق لكثرة عدله ولفرقه الحق والباطل.      

5- القدوة الصالحة

فالقائد المسلم قدوة لرعيته، فلا يأتي من الأفعال ما ينهى الناس عنه، بل تراه أول الناس التزاماً بالمنهج الذي يأمر به فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2 – 3].

6- الحكمة 

يُقصد بالحكمة أساساً وضع الشيء في محلِّه الصحيح، ذلك يستلزم وجود العلم، والنظرة الثاقبة الصحيحة للأمور، والقدرة على كبح وتحجيم جماح الشهوات ولقد أكد القرآن الكريم على أنّ هذه الصفة هي من أهم الصفات التي حبا الله تعالى بها أنبياءه، ورسله الكرام عليهم الصلاة والسلام، والأنبياء هم أعظم القادة الذين عرفتهم الإنسانيّة على الإطلاق فقال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) [النساء:54].

والحكمة في تلقي مهمة القيادة والتروي في النظر إليها والهدوء اثناء دراستها وتجنب الحماس الشاذ أو اللا مبالاة المميتة صفة مهمة جدا ولاشك أن الحكمة وضبط النفس ، لهما من الثمرات الكثير ، وتحققان من الأعمال ما لا تحققه الكلمات الجاذبة ، وذلك لأنهما يحققان جواً من الطمأنينة ولنتذكر كيف لاقى الصديق رضي الله عنه مصيبته في فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم،

وقال : ما أطيبك ميتاً ، ثم رد عليه البرد ، ثم خرج على الناس وخطب فيهم قائلاً : ( أيها الناس إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ) … ثم تلا الآية : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ} آل عمران الآية 144 ( ابن هشام 4/442 ) فهنا من حكمة الصديق أنه قال ما يناسب الموقف وأنه استطاع ضبط نفسه في لحظة حزنه الشديد علي فراق الحبيب صلى الله عليه وسلم.

7- وضوح الهدف والرؤية 

إنّ امتلاك القائد للرؤية يساعده كثيراً في تحقيق النجاح المطلوب له، ولمن يتولى أمورهم، على العكس من القائد المُتخبِّط الذي لا يمتلك الرؤية المطلوبة، ولا يعرف الأهداف الأساسيّة لما يقوم به من أفعال، ممّا يؤدّي في نهاية المطاف إلى فشله فشلاً ذريعاً.

8- الأخلاق الحسنة 

من شأن تحلِّي القائد المسلم بالأخلاق الرفيعة أن تجعل له قبولاً واسعاً بين من يقودهم، والأخلاق الحسنة للقائد المسلم تظهر حتى في أكثر الأوقات صعوبة، وحتى مع أشد الناس عداوة له، ولقد اشتهر القادة المسلمون عبر التاريخ بأخلاقهم العالية، في السلم، والحرب.

9- القدرة على توحيد الناس وتجميعهم

القائد الناجح أياً كان هو الأقدر على تجميع الناس تحت رايته، أمّا القائد الذي يسعى إلى بثِّ الفتن بين الناس متِّبعاً المقولة التي تقول(فرِّق تسد)، فإنّه يعتبر من أبعد الناس عن القيادة؛ نظراً لسعيه وراء مصالحه الشخصيّة فقط.

10- الشجاعة

لا يُمكن تخيُّل قائد جبان، فالقيادة، والجبن لا يجتمعان، ومن هنا فإنّ على القائد المسلم أن يتحلى بكافة أنواع الشجاعة التي تؤهله لأداء المهمّات المختلفة التي توكل إليه، وعلى رأس هذه الأنواع تلك الشجاعة التي تساعده على اتخاذ القرارات المصيرية، والحساسة. 

وإذا تحدثنا عن الشجاعة، فلا نقصد بها مجرد الشجاعة الحربيَّة في القتال التي تُفسَّر بأنها الثبوت عند مواقع القتال، ومكافحة الأبطال، وإنما نعني بها الشجاعة في أوسع معانيها، وأبعد مراميها، ولا سيما الشجاعة الأدبية التي تَقصِد إلى مناصرة الحق، وإظهاره في إخلاص وصِدْق، دون مبالاة بذي جاهٍ أو سلطان، ولن تُؤْتي هذه الشجاعة أُكلَها، إلا إذا تقبَّلناها من أهلها، وشجعناهم على المضي فيها ما كانوا إلى الخير داعين، وإلى الحق قاصدين فقال تعالى:-﴿ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [المائدة: 54].

11- الكرم

إذا ذكرنا الكرمَ، فلا نعني به ما يُنفَق من أموال طائلة في مظاهر الفخر والأبهة، فإن ذلك إسراف وتبذير، وله عظيم الضرر، وعاقبة وخيمة وإنما نعني به الأريحية للإنفاق في سبيل الله، وتحرير الوطن، وإحياء عظمة الأمة الإسلامية من جديد، وإزاحة ما ضُرِب عليها من الذِّلة والمسكنة.

12- القناعة بالمهمة

إن الإيمان بالمهمة ، والاضطلاع بتكاليفها ، والتضحية في سبيل تحقيقها ، لن يأتي إلا حينما يكون الهدف واضحاً في ذهن القائد ، ويؤمن بتحقيقه ، وينقل ذلك إلى شعور الآخرين وهذا يبعث في الناس الشجاعة والعمل ، حين يرون بذله لطاقته وتشجيعه المستمر لهم ، مما يشيع الثقة عند الأتباع ، فتتقدم الأعمال , وإنما يتحقق ذلك بقناعة القائد بإمكانية الوصول إلى ما يهدف وأنه ليس هناك في الوصول إلى الهدف مهمة تافهة بل قيمة كبيرة. 

13- المعرفة بمن حوله

التابعون هم العناصر الرئيسة التي يعتمد القائد عليها ، ولذلك فمعرفته بهم عن كثب ، تصنع انسجاماً فريداً متبادلاً معهم ، وتدفعهم لتقديم الجهود والإبداع في عملهم ، كما أنها تقوى صف الجماعة فتجعله كالبنيان المرصوص ، فمعرفة الرجال فرصة للقائد لمتابعة الأعمال عن قرب ، ومعرفة الحقائق ، كما أنها تشجعهم على البوح بأسرارهم ورغباتهم وتوجهاتهم للقائد ، فتمتزج القلوب وتتلاقى الأرواح في كيان واحد ، إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، ولذلك كان حرص القائد عمر بن الخطاب على الرجال ، فكانت وصيته لكل قائد :(لا تقدم المسلمين إلى هلكة رجاء غنيمة ، ولا تنزلهم منزلاً قبل أن تستريده لهم ، وتعلم كيف مأتاه)( الطبري 3/9) . 

وحينما رأى أبو بكر الصديق تساوي القادة في المقدرة ، وليس بينهم من يقرون له بالتفوق حتى يجتمعوا عليه ، فكر الخليفة كثيراً في الأمر ، وأخيراً اهتدى إلى استخدام الأصلح ، والمناسب للحال ، فتقدم الحل إلى مجلس الشورى قائلاً :(والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد) ( ابن كثير 7/5) .

14- اليقين بربانية القيادة

ويقصد بها ههنا تقويم تفاعلات قلب القائد وعلاج أمراضه فإن الله سبحانه قد أمر بتطهير القلب وتزكيته وتخليصه من درنه ومرضه وقال ابن القيم رحمه الله: في قوله تعالى {وثيابك فطهر} أن جمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم أجمعوا على أن المراد بالثياب هنا هو القلب بل قال سبحانه عن الفاسدين والمبعدين عن رحمته وفضله {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب أليم} فجعل عدم تطهير تلك القلوب من أهم الأسباب الموجبة للعذاب،

وقال _صلى الله عليه وسلم_: {ألا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ} رواه البخاري ومسلم وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فسبقت التزكية التعليم من باب تقديم الغرض والغاية على الوسيلة التي تؤدي إليها فالأساس هو: تزكية هذه القلوب التي هي موضع نظر الله من العبد وقد علمنا الدين الإسلامي الحنيف أن الله تعالى لا يتقبل من الأعمال إلا ما خرج من قلب سليم فقال سبحانه {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} ،

والقلب السليم هو الذي كانت عبوديته خالصة لله سبحانه وتعالى وكان عمله خالصا لله وهو الذي سلم من كل شبهة وشهوة تخالف أمر الله وخبره سبحانه وتعالى وتفاعلات القلب التي يؤكد عليها ههنا والتي يجب أن ينتبه إليها القادة هي صراعاته التي تحدث في داخله بين دوافعه الصالحة من الإصلاح والتأثير الإيجابي إلى طغيان أمراضه الخبيثه من الأثرة وحب الذات والوقوع في الظلم والمظالم.

هل خطر من قبل ببال أحد منكم ما هي صفات القائد في الإسلام وما هي الأسس التي يتم اختيار القائد المثالي عليها وما هي الصفات التي لو توفرت في شخص ما سيكون قائد عظيم حيث تحتاج المجتمعات دوما إلى شخصيات قيادية تستطيع التأثير الفعال في مسيرتها نحو الأصلح  وكما تستطيع أن تجعل من نفسها نماذج تطبيقية لما ينبغي أن يكون عليه القائد المسلم الناجح المؤثر وكما يحتاج كل عمل ذي أهمية وأثر أن يتولاه قائد ذو كفاءة عالية.

إن هذه الصفات والمُثُل العليا التي ندعو إليها القادةَ والمشرفين وولاة أمورنا على نهضتنا في الحاضر، وفي مقدمتها الشجاعة والكرم والتضحية والبذل – ليست من أهم الفضائل وحسب، ولا من صفات القائد المثالي وكفى، ولكنها إلى ذلك كله من الركائز الأساسية الأولى، لتحرير الشعوب، وإنقاذ الأوطان، وبناء المجد.

هل خطر من قبل ببال أحد منكم ما هي صفات القائد في الإسلام وما هي الأسس التي يتم اختيار القائد المثالي عليها وما هي الصفات التي لو توفرت في شخص ما سيكون قائد عظيم حيث تحتاج المجتمعات دوما إلى شخصيات قيادية تستطيع التأثير الفعال في مسيرتها نحو الأصلح  وكما تستطيع أن تجعل من نفسها نماذج تطبيقية لما ينبغي أن يكون عليه القائد المسلم الناجح المؤثر وكما يحتاج كل عمل ذي أهمية وأثر أن يتولاه قائد ذو كفاءة عالية.

نقترح عليك أن تقرأ

شاهد أيضاً

istockphoto 1129137165 612x612 1

هل يمكن أن يسبب تحديد النسل العقم؟2023

هل يمكن أن يسبب تحديد النسل العقم؟ لقد كنت تستخدمين وسائل منع الحمل الهرمونية لسنوات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *